من جديد أجوبة الموقع المبارك
http://islamqa.com/ar/--
لدي بنت عمرها ست سنوات ، هل يجوز لي أن أشتري لها دراجة هوائية لكي تلعب بها ؟ وإلى أي عمر تبقى تلعب بها ؟ .الجواب :
الحمد لله
أولاً:
لا تمانع الشريعة المطهرة من لعب الأولاد - ذكوراً وإناثاً – في سن الطفولة ، بل هذا أمر فطري لا يمكن أن تمنعه الشريعة الخالدة ، ولذا حفلت السنَّة المطهرة بأمثلة لذلك ، وبما أن السؤال بخصوص الإناث : فنذكر منه ما يتيسر من الترويح الخاص بهن ، مما وردت به السنة ، ومنه:
1. اللعب بالعرائس :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي . رواه البخاري ( 5779 ) ومسلم ( 2440 ) .
( صواحب ) جمع صاحبة ، وكن جواري صغيرات من أقرانها في السن .
( يتقمعن منه ) يدخلن البيت ويستترن منه ثم يذهبن .
( فيسربهن إلي ) يرسلهن واحدة بعد الأخرى .
قال ابن بطال – رحمه الله - :
كان النبي عليه السلام أحسن الأمة أخلاقًا ، وأبسطهم وجهًا ، وقد وصف الله ذلك بقوله : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٌ عَظِيمٍ ) القلم/ 4 ، فكان ينبسط إلى النساء والصبيان ويمازحهم ويداعبهم ، وروي عنه أنه قال : ( إِنِّي لأَمْزَحُ وَلاَ أَقُولُ إِلاَّ حَقّاً ) ، وكان يسرِّح إلى عائشة صواحباتها ليلعبن معها ، فينبغي للمؤمنين الاقتداء بحسن أخلاقه وطلاقة وجهه صلى الله عليه وسلم .
والذي يراد من الحديث : الرخصة في اللعب التي تلعب بها الجواري وهي البنات ، فجاءت فيها الرخصة ، وهي تماثيل ، وليس وجه ذلك عندنا إلا من أجل أنها لهو الصبيان ، ولو كان في الكبار : لكان مكروهًا ، كما جاء النهي في التماثيل كلها ، وفي الملاهي .
" شرح صحيح البخاري " ( 9 / 304 ) .
2. اللعب بالأرجوحة :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ... فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي ... .
رواه البخاري ( 3681 ) ومسلم ( 1422 ) .
قال النووي – رحمه الله - :
( والأرجوحة ) بضم الهمزة هي : خشبة يَلعب عليها الصبيان والجواري الصغار ، يكون وسطها على مكان مرتفع ، ويجلسون على طرفيها ويحركونها ، فيرتفع جانب منها ، وينزل جانب .
" شرح النووي " ( 9 / 207 ) .
3. المسابقة بالأقدام :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلْ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : تَقَدَّمُوا ، فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ لِي : تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ، فَسَابَقْتُهُ ، فَسَبَقْتُهُ ، فَسَكَتَ عَنِّي حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : تَقَدَّمُوا ، فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ : تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ، فَسَابَقْتُهُ ، فَسَبَقَنِي ، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ : هَذِهِ بِتِلْكَ .
رواه أبو داود ( 2578 ) وابن ماجه ( 1979 ) وأحمد ( 25745 ) - واللفظ له - ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الخطابي - رحمه الله - :
وفي الحديث دليل واضح على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرم الأخلاق ، وحسن المعاشرة مع الأهل ، وتطييب قلوبهم .
" معالم السنن " ( 3 / 66 ) .
وإذا جاز مثل هذا الترويح مع الزوجة فلا يُمنع أن يكون مع البنات والأبناء .
ثانياً:
ولعب البنت على الدراجة الهوائية من الألعاب المباحة التي لم تأت الشريعة بمنعها ، لكنَّ هذا المباح – كعموم المباحات – له ضوابط يحسن التنبيه عليها ، ومنها :
1. الالتزام باللبس الساتر ، وعدم لبس القصير ، أو الضيق ، وهذا فيما لو كان ثمة غيرها من أشقائها من يلعب معها ، أو وُجد من محارمها من ينظر إليها .
2. عدم الخروج من المنزل واللعب بها في الشارع ؛ لما في ذلك من خطر عليها من الذئاب البشرية التي لا تتقي الله تعالى في صغير أو كبير ، ولا في ذكر ولا أنثى ، بل يكون اللعب بها في حدود الأمان من الأماكن ، وتحت نظر أهلها ، بل ينبغي أن يكون ذلك اللعب في بيت أهلها .
ولينظر جواب السؤال رقم : ( 11817 ) .
3. الحرص على الدراجات الآمنة ، وعدم تمكينها من قيادة الدراجة إلا بعد إتقان قيادتها ، والانتباه من احتمال سقوط البنت من الدراجة .
وفي " الولايات المتحدة " – مثلاً - ذكرت تقاريرهم أنه يُصاب أكثر من 11 ألف طفل ومراهق سنويّاً بحوادث اصطدام الدراجات الهوائية والسقوط من عليها ، وأن ثلث إصابات الأطفال كانت تكون في الرأس ، مما يعرِّض الدماغ لإصابات بالغة .
4. وأخيراً : لا ننصح بأن يستمر لعب البنت بالدرجة الهوائية في عمر 8 سنوات فأكثر ؛ لما يذكره الاختصاصيون من الأطباء من أثر ذلك الركوب على الإناث ، سواء في المقاعد السيئة المصنوعة للدراجات – وهو السبب الأكثر وقوعاً – أو جراء سقوطها عنها .
وقد وقفنا على عدة تحذيرات مهمة في هذا الباب لطائفة من الاختصاصيين ، ومنهم :
أ. الدكتور سليم رجب ، الاستشاري بالجراحة النسائية والتنظيرية والتوليد والعقم وأطفال الأنابيب ، حيث قال :
" ركوب الدراجة الهوائية غير مستحب للبنات ؛ بسبب تماس مقعد الدراجة بشكل مباشر مع المهبل ، حيث يكثر الوذح ( السماط ) والالتهاب ، وقد تتعرض الفتاة للسقوط الذي يعرِّض غشاء البكارة ( للأذى ) ، أو الجرح " .
انتهى
ب. الدكتور لوك باينز ، رئيس قسم أمراض النساء والولادة في مستشفى جامعة بروكسل في بلجيكا ، حيث قال :
" إن مقاعد الدراجات الهوائية الأنيقة وذات التجاويف : تشكِّل خطراً ، بشكل خاص على الإناث " . انتهى
وقد ذكر بعض الأطباء أن الإحصائيات الحقيقية لإصابة الإناث بمشكلات في الأماكن الحساسة عندهن أكثر مما وصل لهم ؛ بسبب الإحراج الذي يمنع كثيرات من الاعتراف بما أصابهن نتيجة كثرة الجلوس على كراسي الدراجات الهوائية .
ولذا ينبغي التقليل من ركوب الإناث للدراجات الهوائية ، مع ضرورة الاهتمام بشراء دراجات ذات مقاعد صحية ، والتوقف عن ركوبها لمن بلغن سن الثامنة ، وليس هذا على القطع واليقين ، وإنما هو للاحتياط .
والله أعلم