مبدع البطاخ المــدير العـــام
عدد المساهمات : 1374 نقاط : 140069013 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 10/03/1993 تاريخ التسجيل : 04/04/2011 العمر : 31 الموقع : احمد لتصميم المواقع الاسلامية
| موضوع: ظاهرة التمرد في أوساط المراهقين الإثنين 02 مايو 2011, 10:52 | |
| ظاهرة التمرد في أوساط المراهقين
| تثير كلمة التمرد تصوراً سلبياً لدى السامع عند إطلاقها، فهي تعني عند المتلقي العصيان والرفض السلبي دائماً، والتمرد بمعناه الإسلامي المرفوض: هو عبارة عن الخروج على السلطة والقيم والقوانين والعقائد والاعراف السليمة. أو هو الخروج على ما ينبغي الإلتزام به. فليس التمرد هو مجرّد الرفض، وعدم الانصياع لما ألفه الناس، فهناك من المألوفات أو القوانين والعقائد والقوى غير الصحيحة ما يجب رفضه، والتمرد عليه. لذا فإن ظاهرة التمرد التي تظهر في حياة الشباب، المنطلقة من الشعور بالقوة والتحدي، وضرورة التغيير، تتجه اتجاهين متناقضين: اتجاهاً سلبياً ضاراً وهدّاماً، وإتجاهاً إيجابياً مغيراً يساهم في تطوير المجتمع، والدفاع عن مصالحه. وظاهرة التمرد السلبي التي تنشأ في أوساط المراهقين والشباب، هي من أعقد مشاكل الأسر والمجتمعات. وللتمرد السلبي، أو التمرد على ما ينبغي الإلتزام به من عقيدة سليمة، وقوانين وقيم، أسبابه الذاتية والموضوعية التي تنبغي دراستها، للتعامل معها بوعي وتخطيط. فإنّ ظاهرة التمرد في أوساط المراهقين مسألة خطيرة على الفرد والأسرة والمجتمع. وتبدأ ظاهرة التمرد السلبي في أحضان الأسرة، وذلك برفض أوامر الوالدين، أو تقاليد الأسرة السليمة، وعدم التقيّد بها عن تحد واصرار. ثمّ التمرد على الحياة المدرسية، بما فيها من قوانين الحضور، وإعداد الواجبات المدرسية، وإطاعة القوانين المرعية في قاعة الدرس، وحرم المدرسة، والعلاقة مع الطلبة والأساتذة. ويأتي معها في هذه المرحلة التمرد على القانون والمجتمع والسلطة بشقيه السلبي والإيجابي. وللتمرد أسبابه التي تبعث عليه وتعذيه، لعل أبرزها ما يأتي: أ) ممارسة بعض الآباء للدكتاتورية في التعامل مع الأبناء، ومصادرة إرادتهم، والإكثار من منعهم من غير موجب مشروع للمنع. فالأب لا يُغيّر طريقة تعامله مع المراهق والشاب، ويظل يتعامل معه كما يتعامل مع الطفل الذي لا يملك وعياً ولا إرادة، من خلال الأوامر والنواهي، والتدخل في شؤون الأبناء، كشؤون الدراسة، والزواج، والعمل، والحياة اليومية، والصرف المالي، بل ونوع اللباس... إلخ. مما يضطر بعض الأبناء إلى التمرد والرفض، وعدم الانصياع لآراء الآباء وأوامرهم، فتحدث المشاكل وتتعقد العلاقة بينهم، وقد تنتهي إلى نتائج سيِّئة من التشرد، وسقوط الإحترام المتبادل، والخروج من بيت الأسرة، أو غير ذلك. وقد تناول الفكر الإسلامي هذه المسألة بالدراسة والبحث والتوجيه لتحصل الطاعة والإحترام بين الطرفين، فقد فرّق الفكر الإسلامي بين برِّ الوالدين، وبين الطاعة لهما، كما فرَّق بين الإرشاد والتوجيه والتربية، وبين فرض الإرادة على الأبناء، والأملاء عليهم. وأوجب الفقه الإسلامي برَّ الآباء، ولم يوجب الطاعة بغير طاعة الله، فمثلاً التشريع الإسلامي لم يوجب على البنت أو الإبن طاعة والديهما إذا رغبنا بزواجهما من زوج أو زوجة لا تتوفر الرغبة فيه. إنّ واجب الآباء هو إرشاد أبنائهم إلى الطريق السوي، وتجنيبهم ما يضر بحاضرهم ومستقبلهم، إنطلاقاً من المسؤولية الشرعية، وواجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتوسل بكل الوسائل السليمة للحيلولة دون وقوعهم في مهاوي السقوط، والفشل في الحياة، وعليهم أن يُفهموا الأبناء أنّ المنطلق للمعارضة لإرادة الأبناء ورفض إختيارهم، إنّما هو لصالحهم، وعليهم أن يوضحوا لهم ذلك بالنصيحة، وبالتي هي أحسن، ويحولوا دون الوقوع في الإنحراف، والتورط بالمشاكل والممرسات السيِّئة. وان من الخطأ أن يحاول الآباء أن يفرضوا على الأبناء قناعاتهم، ونمط تفكيرهم، وطريقة حياتهم الخاصة التي ليس لها مبرر مشروع، بل لمجرد الألفة، والإعتياد الإجتماعي فتصطدم بما يحمله الأبناء من تطلعات وإهتمامات، وما يفرضه العصر من أوضاع، وطريقة خاصة للحياة. وقد حذّر الإمام علي (ع) الآباء من ذلك بقوله: "لا تقسروا أولادكم على آدابكم، فإنّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم". فهذا التشخيص الإسلامي للتطور في أساليب الحياة، وما يحدث من تحول فارق في الوضع الإجتماعي بين جيلين، يلقي الضوء التشخيصي على أعقد مسألة في الصراع بين جيل الآباء وجيل الأبناء، المؤدي إلى التمرد بشقَّيه السلبي والإيجابي. والفكر الإسلامي عندما يشخص هذه الحقيقة، إنّما يدعو لأخذها بنظر الإعتبار والتعامل معها كحقيقة حضارية في حياة الإنسان، ضمن الأسس والقيم السليمة، ولقد شدد الإسلام على تحذير الآباء، ومنعهم من سوء التعامل مع أبنائهم الذي يجرُّ إلى التمرد والعصيان، فيصل إلى العقوق. فقد ورد في التوجيه النبوي الكريم: "يا علي لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما". كل ذلك لتحصين الجيل الجديد من الدخول إلى دائرة التمرد السلبي، الذي تعاني منه الأُسر والدول والمجتمعات في حضارة الإنسان المادية، والفهم المخالف للمنهج الإسلامي في التعامل مع هذه القضية. وكما يتحمل الآباء هذه المسؤولية، فإن توعية الأبناء وتربيتهم على حب الوالدين، وإحترامهم والإستماع إلى نصائحهم منذ الطفولة، وتحاشي التمرد عليهم، مسألة مهمة. إنّ تربية الطفل، وتعريفه بحقوق الوالدين، وأدب التعامل معهما بالقول والتصرف معهما، هي من الأسباب المساعدة على حل مشكلة التمرد. ولظروف البيئة العائلية، لاسيما العلاقة بين الأبوين والإحترام المتبادل بينهما، أو العلاقة السيِّئة التي تكثر فيها المشاكسة والعصيان والمشاكل، أثرها البالغ في تعميق أو معالجة هذه المشكلة. ب) المدرسة: وكما يساهم تعامل الآباء في إيجاد روح التمرد السلبي الهدام، فإنّ للمدرسة دورها الفعل في هذا المجال، بما فيها من نظام وطريقة تعامل معقد يلمس فيه الطالب التجاوز على شخصيته وطموحه الدراسي، أو لا ينسجم مع الظرف الواقعي له، فيساق بهذه الأسباب وغيرها إلى تحدي النظام المدرسي، وإحداث المشاكل، فترك الدراسة. لذا كان من الضروري أن تكيّف المدرسة وضعها ونظمها مع روح العصر، وظروف المجتمع، وتتعامل مع الطالب في هذه المرحلة بوعي لطبيعة الصبا والمراهقة ومشاكلها، من خلال التربية والتعامل، كموجه وخبير يحل المشاكل، وليس طرفاً مواجهاً يريد الإنتقام، وفرض العقاب، إلا إذا كان العقاب ضرورة للإصلاح. ج) طبيعة المراهق وتكوينه النفسي والسلوكي: للطبيعة النفسية والعصبية، ومستوى التعليم والثقافة للمراهق، أثرها البالغ في التمرد والرفض والتحدي. فمرحلة المراهقة هي مرحلة الإحساس بالغرور والقوة، وهي مرحلة الإحساس بالذاتية، والإنفصال عن الوايدين، لتكوين الوجود الشخصي المستقل، وهي مرحلة تحدي ما يتصوره عقبة في طريق طموحاته، على مستوى الأسرة والدولة والمجتمع؛ لذا ينشا الرفض والتمرد السلبي، كما ينشأ الرفض والتمرد الإيجابي. ومعالجة ظاهرة التمرد السلبي، تكون بالإهتمام بالتربية السليمة المبكّرة، وتوعية المراهقين على مشاكل المراهقة، وإبعاد المثيرات من الأجواء المحيطة بالمراهق. فالشاب والشابة اللذان يتمتعان بمستوى من الوعي والثقافة بتفهمان الحوار والمشاكل ويتقبلان الحلول المعقولة من غير تمرد وإساءة، في حين يتصرف الشاب الهابط الوعي والثقافة بعنجهية، وسوء تصرف. د) الظروف والأوضاع: إنّ لطبيعة الظروف والأوضاع الإقتصادية والسياسية والفكري والإجتماعية، وللقوانين والأعراف، تأثيراً بالغاً، وبالإتجاهين – السلبي والإيجابي – على سلوك الشباب، وموقفهم من السلطة والقانون، والأوضاع القائمة. فالظروف التي يشعر فيها جيل الشباب بالفقر والحاجة، وتضييع أحلام مستقبله، وبالإرهاب الفكري والسياسي، والإضطهاد العنصري، أو الطائفي، يندفع، وبقوة، إلى تحدّيها، والتمرّد عليها بالرفض، وعدم الإنصياع، والرد بالعنف والقوة أحياناً، كما يحدث في كثير من بلدان العالم. لذا فإنّ الحرِّية المعقولة، وتحسين الأوضاع الإقتصادية، وتوفير الحقوق الإنسانية، ومشاريع التنمية الخدمية، التي تستوعب مشاكل الجيل وتطلعاته، وليس وسائل القمع والإرهاب الفكري والبوليسي، هي السبيل لمعالجة حالة الرفض، والتمرد السلبي.
|
| |
|