مبدع البطاخ المــدير العـــام
عدد المساهمات : 1374 نقاط : 140069113 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 10/03/1993 تاريخ التسجيل : 04/04/2011 العمر : 31 الموقع : احمد لتصميم المواقع الاسلامية
| موضوع: حصانة الشباب.. في عاتق مَنْ؟ الإثنين 02 مايو 2011, 10:52 | |
| حصانة الشباب.. في عاتق مَنْ؟
| صلاح الأفراد من صلاح المجتمع، كما أنّ صلاح المجتمع من صلاح أفراده، فصلاح كلّ منهما ينعكس على الآخر، فالمجتمعات الآمنة المطمئنة التي تقلّ فيها حالات الانحراف، ولا نقول تنعدم فليس هناك مجتمع ملائكي على وجه الأرض كلّها، هذه المجتمعات تنتج أفراداً صلحاء، كما أنّ الأفراد الصالحين يقوّون بدورهم النهج الإصلاحي في المجتمع بما يشيعونه من سلوك نظيف يحدّ بدوره من قذارة الانحراف، ويجعل المنحرف متردداً في فعل يفعله، وقد يمارسه بعيداً عن مرأى الناس وسمعهم، وإذا حصر الانحراف أو المنكر في الدائرة الضيقة سهلت السيطرة عليه وتطويقه. وبناءّ على ذلك، فإن مسؤولية مكافحة الانحراف وحماية الشباب منه مسؤولية تضامنية تنهض بها الجهات والمؤسسات التالية: 1- الأسرة: الأسرة المحضن الأوّل للشباب وللفتاة على حدّ سواء، وعلى مدى التربية التي يتلقاها كلّ منهما في صغره يتحدّد مستقبلهما. فإذا حظيا بأسرة صالحة رجح أن يكونوا صلحاء، والعكس صحيح. وقد تلعب عوامل خارجية كثيرة دورها في انحراف الشباب والفتيات، لكن دور العامل الأسري في الحماية والوقاية والصيانة من أهم العوامل على الاطلاق: (قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة). الأسرة هي الحجر الأساس في البناء التربويّ، وكلّما كان متيناً أمكن التنبؤ بمستقبل يبشِّر بالخير والصلاح، وبخلافه إذا كان هشّاً فإنّه لا يصمد أمام الضغوط والتحدّيات، وحينها لابدّ من جهود ذاتية استثنائية كبيرة يبذلها الشاب حتى يعوّض حرمانه من ذلك البناء ببناء آخر متين وهو (الدين). إن الأم التي تسمح لابنتها أن تطل على ضيوف أبيها وهي شبه عارية، والأب الذي يطلب من ابنته أن ترقص وتغني أمام ضيوفه، والأبوين اللذين لا يعارضان زيارة الأصدقاء الشباب لبيوتهم دون مراعاة لوضع بناتهم، والأب الذي يبتسم بفخر لابنه الذي استطاع أن يحتال على شخص فيغلبه ويعتبر ذلك سمة من سمات رجولته، هؤلاء إنّما يدفعون أبناءهم وبناتهم بكلتا يديهم إلى الانحراف. أمّا الأبوان اللذان يحتاطان ويحترزان ويقدّران مخاطر أمثال هذه التصرفات في الحاضر والمستقبل، وإذا رأيا أنّ البيئة التي تعيش الأسرة فيها موبوؤة أو ملوّثة ومحفّزة على الانحراف، عمدا إلى تغيير محل السكن حفاظاً على سلامة الأبناء والبنات، واللذان يقدمان التربية بشقيها المباشرة بالموعظة والحكمة، وغير المباشرة بأن يكونا قدوة لأبنائهما وبناتهما، إنّما يتصرفان بوحي المسؤولية الاجتماعية والدينية، ذلك أنّ الأسرة التي (تراقب) و(تحاسب) و(تخاطب) و(تشاور) الأبناء والبنات وتستخدم لغة الحوار والإقناع ستقلل – إذا لم تقطع نهائياً – احتمالات الانحراف. 2- المراكز التعليمية والتربوية: المدارس والمعاهد والمراكز التعليمية والتربوية الأخرى هي البيوت الثانية للشبان والفتيات، ولعلك تشترك معنا في الرأي إذا قلنا أنّ (المعلم) إذا كان مربياً مخلصاً، نجح في انتشال الأجيال من براثن الانحراف. فقد يفتقد الشباب القدوة في بيوتهم لكنّهم يجدونها في مدارسهم، فإذا تمسّكوا بها ولم يتأثروا بالأجواء البيتية فقد اجتازوا عقبة كبيرة وأمنوا من تبعات الانحراف. ولذا فإنّ رسالة التربية التي يجب أن تضطلع بها مدارسنا الإسلامية يجب أن تتقدّم على رسالة التعليم، أو لنقل انّها ينبغي أن تسير بشكل متواز معها وأن لا تتخلّف عنها، فربّ كلمة من معلم أو معلمة تهدي شاباً أو فتاة وتنقذهما من الوقوع في هاوية لا قرار لها. دور المعلم الذي ينظر إلى التلميذ على أنّه ابنه الثاني ويتابه ويرشده ويهديه ويسدّده ويقوم سلوكه قد يفوق دور الوالدين في بعض الأحيان. أمّا إذا تظافرت الجهود التربوية وانضمّ الجهاد الأسري إلى الجهد المدرسي فإن ذراعين رحيمين سيحتضنان الجيل. 3- علماء الدين والمؤسسات الدينية: المراجع والعلماء والفقهاء هم آباء الأمّة والمشرفون على خط سيرها والمسدّدون لخطاها، ودورهم في حماية الشباب من الانحراف يتمثل في التثقيف المباشر بالإسلام، أو تشكيل لجان ومؤسسات تربوية مسؤولة ترعى هذه الشريحة وتؤمّن لها سبل الحماية، وتشعر أبناءها من كلا الجنسين أنّهم محطّ عنايتها ومحبّتها واحتضانها الأبويّ. وللمؤسسات الدينية والحوزات العلمية دورها المساند في تحصين الشباب ضدّ التحديات الثقافية والفكرية والسلوكية سواء بالتعريف بالإسلام بوجهه الصحيح وبأساليب عصرية مشوقة، أو بتقديم الحلول المناسبة لمشكلات الشباب الدينية والاجتماعية والنفسية برؤية معاصرة تخلق لغة تفاهم مشتركة بين هذه المؤسسات وبين الشباب. هناك فراغ واضح وملحوظ يعاني منه الشبان والفتيات في المكتبة الإسلامية الشبابية، فلا تزال نادرةً الكتب التي تهتم بقضايا وهموم وشؤون ومشاكل وآمال الشباب، فلابدّ من توجيه العناية إلى أن يتخصّص بعض الروائيين والروائيات بطرح ذلك كلّه بلغة أدبية شفافة ونظيفة. إلى عدم نزول الكثير من علماء الدين إلى الميدان الشبابي أوجد هوّة أو غربة بين الإثنين حرمت الشباب من الأفكار والمفاهيم والأساليب التي يمكن أن تحصّنهم وتبني شخصياتهم بناءً متيناً. وردم الفجوة يحتاج إلى فتح قنوات حوار، وإعادة نظر في الأساليب التبليغية والدعوية والإرشادية التقليدية، فالكثير منها بات منفراً، أو في الأقل لم يعد صالحاً للزمن الذي يعيشه الشاب فلا يستهويه، خاصة إذا عقد مقارنة بين أساليب التربية والتوعية الحديثة ذات الطرح العلميّ الذي يعالج المشاكل معالجة موضوعية تجيب على ما يدور في أذهان الشباب من أسئلة أياً كان نوعها، وبين أساليب التوعية الدينية التي ما زالت تراوح مكانها إلّا ما ندر. 4- الكتّاب والأدباء والمثقفون: ما لم تتوجه عناية الكتّاب والأدباء والمثقفين الإسلاميين إلى الشباب، ويتخصص بعضهم في دراسة أسباب ومظاهر وآثار وطرق معالجة الانحراف، ووضع خطّة شاملة في بناء الوعي الإسلامي فكراً وأدباً وثقافة، فإنّ الشباب إمّا أن يلجأوا إلى كتابات غير منسجمة مع هويتهم، وإمّا أن يعيشوا الفراغ الذي ألمحنا إليه. إنّ الدراسات الميدانية واستطلاعات الرأي، والبحوث والدراسات الشبابية، التي تضطلع بها جهات معيّنة متخصصة لا تكافح الانحراف فحسب، بل تقدم البدائل الصالحة للتربية مسؤولية مشتركة لا ينهض بها إلّا مَنْ يحمل رسالة قلمه وأمانة الجيل الذي ينتظر عطاءه. 5- الثقافة الإصلاحية: ثمة أسلوب معاصر في المعالجة على المستوى التثقيفي يُطرح على شكل منشورات ملوّنة ومصوّرة وصغيرة، تناقش كل نشرة مشكلة انحرافية محددة وبشكل مكثف، أي إنّها تجيب على أسئلة محددة، فيمكن لنشرة من هذه النشرات أن تعالج ظاهرة التدخين بين الشباب والفتيات، وتتساءل: ما هي مضار التدخين، وكيف تجتنبه؟ هذه النشرات أشبه شيء بالمنشورات الصحيّة التي تعالج مرضاً معيناً وبمستوى ما يصطلح عليه بـ(الثقافة الشعبية أو الجماهيرية) أي الثقافة التي تقدم وجبة سريعة من المعلومات المنقّطة والمضغوطة والنافعة كأوليات في التثقيف بالمرض وبسبل معالجته. 6- مواقع الشبكة المعلوماتية الخاصّة بالشباب: تتولّى هذه المواقع الشبابية مسؤولية جسيمة في رصد الظواهر الانحرافية وطرحها على صفحات مواقعها الشبابية والنسوية، ذلك أنّ الأنظار اليوم متجهة إلى هذا الاختراع الذي يشدّ الانتباه ويسترق الكثير من الوقت وينافس العديد من وسائل التثقيف التقليدية. فدور المواقع الشبابية هو جزء لا يتجزأ من رسالتها أن توجد حالة التثقيف الأوسع بالظاهرة الانحرافية وطرق تفاديها، سواء باستشارة أخصائيين أو باجراء استطلاعات للرأي، أو بالردّ على أسئلة الشباب بأبوابها المختلفة، أو إدارة الحوارات التي يشرف عليها مختصون للخروج بأفضل الصيغ وأنسب الحلول. 7- الخطباء: وهم أئمة المساجد والجوامع والجماعة والجمعة والذين يعتلون المنابر والمنصّات للوعظ والإرشاد الديني وإحياء المناسبات الإسلامية، بل حتى الذين يمارسون مهمات التبليغ والدعوة الإسلامية، حيث إنّهم معنيون برصد الظواهر الانحرافية وهي في المهد، والتعريف بمخاطرها، وأن يكونوا قدوة للشباب في الصلاح والاستقامة، وأن ينتقلوا من مرحلة القاء الموعظة والتلقي السلبي الذي لا يعطي مجالاً للشبان في الحوار وطرح أسئلتهم ومداخلاتهم بشكل مباشر. 8- مؤسسات الدولة: الدولة هي المسؤول الأكبر عن حماية الشباب من الانحراف بما لديها من قدرات ضخمة لا يمتلكها غيرها، فهي الأقدر – إن قدّرت ذلك وعملت باتجاهه – على تنظيف الساحة الاجتماعية والشبابية تحديداً من أوضار ومضارّ الانحراف. فالوسائل التربوية والمناهج التعليمية والمراكز الشبابية تقع تحت إشافها. ووسائل الإعلام – في الغالب – تدار من قبلها وهي التي ترسم خططها وتضع رسالتها، وهي التي تسنّ القوانين والقرارات التي من شأنها توفير الحماية ضدّ الانحراف. فالدولة التي تضع قانوناً يحرّم تعاطي المخدرات وتعاقب على تجاوزه، وتفتح المصحّات التي تعالج المدمنين لإعادة تأهيلهم إلى الحياة الكريمة، والتي تستخدم وسائلها التعليمية والإعلامية لتثقيف الشبان والفتيات ضدّ الإدمان تساهم مساهمة فعّالة وأعظم من أيّة دائرة أخرى من دوائر المسؤولية. 9- الشباب أنفسهم: وتبقى مسؤولية الشباب عن نفسه في حماية نفسه من الانحراف من أهمّ المسؤوليات، فقد لا تنفع الدوائر الأخرى في حمل الشباب على الإقلاع عن ظاهرة إنحرافية معيّنة، لكنّ الفتيان والفتيات – بما أوتوا من همّة عالية – قادرون على الوقوف بوجهها إذا تنبّهوا إلى مخاطرها الحاضرة والمستقبلة، ذلك أنّ الشاب وحده الذي بيده قرار الاستسلام للانحراف والانسياق مع المنحرفين، وبيده وحده قرار الممانعة والمقاومة ورفض الضغوط أو الإغراءات التي يلوّح بها الانحراف. من هنا تأتي ضرورة أن يعمد الشاب أو الفتاة إلى تربية أنفسهما منذ وقت مبكر على الإحساس بالمسؤولية وتحمل نتائج الأعمال ومعرفة الصواب من الخطأ، والرجوع إلى ذوي الخبرة والاختلاص في حال عجزوا عن ذلك. إنّ دوائر الوعي والتغيير السابقة تعمل كلّها في اتجاه واحد، وهو أن تضع الشباب في دائرة الوعي الثقافي بالظاهرة الانحرافية وكيفية النجاة منها. لكنّ الشباب أنفسهم باعتبارهم موضوع الانحراف، يلعبون دوراً غاية في الأهمية في قطع دابر الانحراف، فالإنسان طبيب نفسه، ويمكنك كشاب أن تتفادى الانحراف بالمزيد من الرقابة الذاتية والتحسّب للنتائج والمخاطر المترتبة عليه، والتواصي فيما بينك وبين الآخرين من الأصدقاء والأخوة على مكافحته ومساعدة الدوائر الأخرى في القيام بدورها على أكمل وجه.
|
| |
|