مبدع البطاخ المــدير العـــام
عدد المساهمات : 1374 نقاط : 140069013 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 10/03/1993 تاريخ التسجيل : 04/04/2011 العمر : 31 الموقع : احمد لتصميم المواقع الاسلامية
| موضوع: الشباب بين تحديات العصر وضرورات العمر الإثنين 02 مايو 2011, 02:45 | |
| الشباب بين تحديات العصر وضرورات العمر
| * أ. نعمة العبادي أوّل صعوبة تكتنف هذه الدراسة تحديد المدلول المنضبط لكلمة (الشباب)، فلا يوجد تحديد قاموسي لهذه المفردة. وهي أكثر رواجاً في الأوساط الإجتماعية والحياة اليومية. لكننا سنتفق من البداية على تحديد نتبناه في هذه الدراسة الموجزة، ومفاده أن ما يعنيه مصطلح الشباب هنا هو الفئات العمرية من (15-30) سنة (ذكوراً وإناثاً)، مع قطعنا بأنّ الكثير من القضايا التي نبحثها على أنها مختصات شبابية شاملة في بعض الأحيان لفئات عمرية (أصغر أو أكبر) من التحديد سالف الذكر. وهذا لا يقدح بموضعية التحديد. بدءاً لا خلاف بين اثنين على أهمية هذا المقطع من حياة الإنسان، وكذلك على أهمية هذه الشريحة في حياة المجتمعات على طول التاريخ. وما أحاول التعرض له في هذه الدراسة الموجزة هو: إبراز التحديات المعاصرة لهذه الفئة أو الطبقة على وجه التحديد، وأهم الضرورات التي تقتضيها هذه المرحلة العمرية، والخصوصية التاريخية لمقطعنا الزماني الحاضر، وكيفية النظر إلى كلا الأمرين بنظرة شمولية مستوعبة. وقبل الدخول في دائرة التحديدات بودي ذكر مجموعة سمات أو خصوصيات لهذه الفئة يمكن تصنيفها وفق نظرة معيارية موضوعية إلى سمات إيجابية وأخرى سلبية... وندرج ضمن الإيجابية الآتي: 1- الحيوية والنشاط. 2- سرعة التلقي والإستيعاب. 3- الحركية والتلقائية. 4- الجرأة والإرادة النافذة. 5- الرغبة والإستعداد للتحرر من قيود الماضي والقديم عموماً. 6- الرغبة في التغيير والتجديد. 7- عدم الإلتصاق بالمطامع الدنيوية وإمتلاك روح الإيثار. 8- الأهلية الجسدية لتحمل الكثير من المشاق. 9- الأمل والرغبة في تحقيق الأهداف. 10- القدرة على التكيف مع الظروف الصعبة ومواجهة التحديات. أمّا السلبية فهي الآتي: 1- ضعف الخبرة وقلة الممارسة. 2- الإندفاع الذي يصل إلى حد التهور. 3- عدم تقدير عواقب الأمور بصورة جدية، وأخذ المسائل على محمل الإستخفاف والإستهانة. 4- الإنشغال بمسائل الزينة والتجمل واللذائذ. 5- التأثر السريع بآراء الآخرين حتى وإن كانت متناقضة. 6- القلق في الأفكار والتوجه. 7- حب المغامرة. 8- الإحساس الضعيف أمام مسؤوليات كبيرة، ومحدودية الإدراك. 9- الإهمال لأمور حسّاسة ومهمة. 10- التعاطي السطحي مع الأمور، والتململ من البحث والتروي والتدقيق فيها. لقد قدنا تلك الميزات لدخالتها المهمة في موضوعتي التحديات والضرورات المبحوثتين في دراستنا هذه. والحديث عن التحديات التي تفرزها اللحظة الراهنة على شبابنا ليست كلها من مختصاتهم فقط، وإنّما في أغلبها تحديات لعموم الشباب في العالم، ولكن الذي يهمنا ما يقع منها على شبابنا، لاحظين أهم الخصوصيات التي تتصل بالموضوع. لاشك إن عمر الشباب وكما أشرنا في السمات هو عمر الإندفاع، والحركية، والإنفتاح على الحياة والتخطيط، أو التطلع للمستقبل، وفي إتجاه آخر هو عمر القلق، والخوف، والتقلبات العاطفية والفكرية، وهو بعد العمر الذي تتركز فيه الذات كشاخص محدد الملامح، بعد أن تجاوزت مرحلة (التابع) في الطفولة وبدايات المراهقة، وهي بذلك تدخل في دائرة المسؤولية الشرعية والقانونية والإجتماعية. يبدأ الشاب (ذكراً أو أنثى)، في مسيرة جديدة، تنحو بها فواه الجسدية والنفسية والعقلية، منحى جديداً وهي تتجه لبلورة (ذاته) التي ستكون (هو) في المستقبل القريب، طبعاً هذا لا يمنع من إستمرار مسيرة التكامل وإلى آخر لحظة من حياة الإنسان. ولكن ومن خلال التجارب المتضافرة والمتواترة، وما تؤكده العلوم المشتغلة على (التربية)، فإنّ المرحلة الشبابية تطبع آثارها وتترك بصماتها ولو حتى مع محاولات التهذيب المتقدمة، أو مسيرة التكامل التي يتخذها الإنسان في مراحل حياته اللاحقة. ومن أجل أن نستطيع تناول القضايا المبحوثة بشكل منتظم ومعمق فسوف نسلسل هذه القضايا في نقاط مرتبة. فيندرج في التحديات التي تواجه الشباب الآتي: 1- مظاهر الإستثارة، الطابع لعموم الحياة: تتكامل شخصية الإنسان (بايولوجياً) من جهة الأعضاء والأجهزة المسؤولة عن الفعاليات الجنسية عموماً، (في مرحلة الشباب، أي – من 15 سنة فأعلى -، ويتصاعد معها نموه العاطفي والنفسي. وتأخذ إستجابات الشباب في بدايات هذه المرحلة طابعاً قلقاً ومتذبذباً. فالمقاييس المعيارية للجمال والحب والصداقة والمصلحة والمستقبل و...، تتبدل بين لحظات وأخرى، وقلما تحقق التجارب لدى الشاب وعياً متأصلاً يستطيع أن يكون محدداً لتحديات وإستجابات قادمة. فالصراع المتنامي بين الرغبة والخوف ينعكس قلقاً قد يصل في حالات متقدمة إلى حالة تعطيل وشل كامل لكل تفكير وفعاليات الشاب. وفي مثل هذه الأحوال يتواجه الشاب مع حياة ممتلئة بالإثارة والتحفيز. إنّ الإثارة كانت محدودة في مناطق الريف والقرى البعيدة عن مظاهر المدينة المتمثلة بحركة الأجساد المكشوفة وجميع ممارسات الإثارة الأخرى، ولكن اللحظة التي نتحدث عنها لم تترك فرقا، لأنّ الشاشة المرئية وببركات (الستلايت) أغنت الجميع بأعنف مظاهر الإثارة والتحدي الجنسي بوجه خاص، الأمر الذي عمم هذا التحدي على جميع الشباب. ولا تقتصر الإثارة التي هي سمة حياتنا اليوم على بعدها الجنسي؛ بل تشمل أبعاداً أخرى تتمثل بمظاهر البهرجة، والزينة والموديل، وأشكال العيش الجديد، لأنّها تنقل وبتمام الوضوح في كل بقاع العالم وخصوصاً الجزء المرفهة منه، بل يتم تسويق الحياة هناك على أنها فرصة دنيوية لزيارة (الجنة). فكيف ينظر الإنسان الذي يعيش في منطقة يلفحه غبارها في الصيف، وتطفو عليه (المجاري) في الشتاء، وهو يشاهد صوراً من بقاع العالم التي يمكنك فيها أن تلبس القميص ذات الياقة البيضاء لمدة شهر دون أن تحتاج إلى غسله، أو المظاهر الأخرى للحياة الباذخة وخصوصاً في أماكن وبلدان لا تملك عشر الثروات التي نملكها، وبالمقابل لا قياس بين مظهرها الخارجي ومظهر بلادنا كما في لبنان وغيرها من البلاد الجميلة. إنّ مجموعة سهام تتدافع في نقطة هي ذات الشاب، يتمثل السهم الأوّل منها في الرغبة الطبيعة التي تحركها الغرائز التي تكوّن شخصه، وما يقتضيه إشباعها من حاجات، والسهم الثاني يتمثل في القيود والكوابح التي تمثل المكون الأهم في تربيتنا لأولادنا، وأمّا السهم الآخر فيتمثل بالاعراف الإجتماعية والمحددات الشرعية ذات السطوة المهمة على شبابنا، أمّا السهم الأكثر قوة فيتمثل في الأثارات الصاخبة التي تتبدى عبر مظاهر متعددة ومتنوعة تبدأ من الشارع وما يتضمنه من صور مغرية، وتنتهي بما يقدمه الإنترنيت من حد لا نهائي للإثارة والتوتر الجنسي. إنّ هذا التدافع المحموم الذي يتخذ من ذات الشاب مركزاً له يتبدى في حالة صراع مستديمة وضارية تتفاوت الغلبة فيه من لحظة إلى أخرى ومن شاب إلى ثانٍ، وقد تذكيه ظروف وتهدئه أخرى، ولكن عموم حالة شبابنا التي تتمثل بتأخر القدرة على تحقيق حالة إمتصاص وإرضاء مشروعة لدواعي الغرائز وذلك لصعوبة الحياة بعمومها، تتجه إلى الأذكاء والتوتر، الأمر الذي يخلق جيلاً عصابياً، أو كثير التوتر، وقليل الإبداع أو معدومه، مستهلكا في صراع داخلي وتحديات خارجية ملحّتين عليه في ضغطهما. إنّ الفقر والحرمان اللذين يلقيان بظلالهما على أغلب الشعب العراقي يعقّدان واقع هذا التحدي. فصور الحياة الباذخة أو الجميلة التي تشخص أمام عيون الشباب عبر وسائل الإتصال المختلفة وأبرزها (التلفزيون)، تحث فيه جميع القوى الكامنة وتستثيرها، طلبا للإستجابة، في الوقت الذي يرجع بطرفه إلى واقعه المؤلم ليجد نفسه في ظرف يتمثل بمستوى (دون حد الفقر)، وفق المقاييس العالمية، فبعيداً عن الحياة المرفهة والحاجات الثانوية يمثل توفير مستحقات الزواج المناسب حاجة عزيزة المنال، خصوصاً بالإعتماد على قدرات الشاب لوحده، الأمر الذي ساهم في عزوبة مرعبة تتنامى يوم بعد يوم في ظل إرتفاع أسعار المساكن والإيجارات ومستلزمات الزواج الأخرى، وهذا من شأنه جميعا أن يعاظم من وطأة التحدي المذكور، ويوسع من مساحتيه الزمانية والمكانية، ليرقى به إلى مستوى الأمراض المستعصية أو المزمنة في جسد المجتمع. 2- تكاليف الحياة الباهضة وشحة فرص العمل: ويفصح هذا التحدي عن مركب معقد يذكي جزءه الآخر، وهو دائم الاستعار والتحدي. إنّ متطلّبات الحياة تزداد يوماً بعد آخر، وفي كل يوم تلتحق جملة من الحاجات التي كانت ضمن قائمة (الكماليات) أو (الترفيات) إلى قائمة (الضرورات)، وتصبح جزء ضرورياً من مستلزمات الحياة المقبولة. ولا يستطيع الإنسان أن يسلخ نفسه من هذه التغيُّرات إلا بقدر محدود. ومن جهة أخرى فإنّ الطابع الإستهلاكي ورداءة الصناعة أو ضعف المتانة، أصبح من سمات عموم المواد المستعملة، يضاف إليه الاسعار المهولة التي تحملها هذه الحاجات والمتزايدة بين الحين والآخر. يتقابل مع هذا الجزء من مركب التحدي، الجزء الآخر المتمثل بإستشراء البطالة وشحة فرص العمل، أو وجود فرص عمل ذات رواتب لا تسمن ولا تغني من جوع في ظل هذا الإرتفاع الفاحش للاسعار. اعرف الكثيرين ممن ألقوا بأنفسهم في دوامة الموت وأقدموا على المخاطر الكبيرة اليوم من أجل الحصول على رواتب مناسبة، وليت هذا متوفر، فهو محدود، ويحتاج إلى التوسطات ومساحته لا تستوعب إلا عدداً محدوداً. ولا نريد الإستغراق في تفاصيل هذا التحدي لأنّ الإشارات العامة التي وضحناها كافية في إستحضار تمام الصور الموجودة أمام القارئ الكريم. 3- تقلبات الحاضر ومجهولية المستقبل: في بداية الحديث عن موضوعنا أشرنا إلى إن ما ندرجه من أمور أغلبها تمثل حالة عامة لكل العالم. إنّ الحياة المضطربة، تجعل الشاب في حيرة من أمره، فهي تنقله من موقف إلى آخر، وتتطلّب منه إستجابات متعددة ومختلفة تتناسب والتغيير السريع الذي يسم الأحداث. وفي نفس الإتجاه، فإنّ هذا يجعل تحديد ملامح المستقبل أمراً مستحيلاً أو بالغ الصعوبة. هنا تكون حركة الحياة دائرية تلف حول نفسها وتتشرنق في زوايا، يجعل الوصول إلى حقائقها ومفعّلاتها الحقيقية أمراً صعباً، وهذا بدوره يترك أثراً بالغاً على عموم الناس وخصوصاً الشباب قليلي الخبرة، والتواقين إلى الحركة والإندفاع، فيرتد هذا التعاكس إلى حيرة وتذبذب وإنتكاس في بعض الأحيان، وقد يصل إلى الشلل النهائي للحركة |
| |
|